الأربعاء، 1 يونيو 2016

منعطفٌ صعب

في كل يوم قبل النوم، يأتي طارئ الذهن والسؤال لك..
عن ذلك الإنسان القابع فيك.. عما فعله.. عن استحقاق الأشياء التي أتته.. وعن استحقاقه لها..
عن يومه وما فعله.. عن حزنه، عن فرحته، عن شعوره الصاعد الهابط.. عن تعرّج الأفكار، وتعكّز الأمنيات.. وطيران الروح، وانعتاق النفس!
ماذا حدث؟ ولماذا حدث؟
لم تصرفت هكذا؟.. وعلى أي أساس أقيس ما فعلت؟
فإما أن تكون في هذه المرحلة تبدأ بجلد ذاتك بعد تداعي هذه الأسئلة داخلك، أو أنك تذهب إلى النقيض منه فينعدم داخلك الشعور.. أو قد تحاول أن تكون متوسطاً بعض الشيء كي تجد حلاً
تقول: فلان وقع في ذات الموقف وكان تصرفه عكس ما قمت به تماماً.. وتلك قالت أنها لا تصطبر خطوة واحدة من تلك الطريق، فكيف بالنهاية التي وصلت لها؟
وآخرون ينعتوك بالسذاجة والبلاهة.. وبأن أصحاب ذلك الطريق والتصرف فيه قد انقرضوا واختفى أثرهم!
فتجد نفسك تفكّر في ذلك الأمر جدياً، وتُعيد تركيب نفسك وقطعها، فتجدها تعود إلى أماكنها الأولى..
مممم،
هل اعتادت القِطع على أماكنها حتى أنها باتت تترتب تلقائياً في أماكنها التي "اعتادتها" ؟
ثمّ إلى أي درجة كلامهم صحيح؟، وهل قلّة وجود الأمر يعني عدم صوابه؟ وهل كثرته تعني ذلك بالضرورة؟
من الحَكَم؟... قلبي أخبرني أنه رغم ألمه بكل ذلك، لكنه سعيد.. وقد عادت دقاته ونبضاته بالثبات الأصيل.. بعد توسّع وانقباض!
لم أملك ما أقوله لهذا القلب، وهو الذي كان الدليل، وكان الصديق الذي يخبرني: أن ابتعدي... أن اقتربي!
فوجدتني أُعاود حمله وضمّه إلى صدري ليعاود النبض فيه.. علّ ذلك يهدهد على كل ما حصل... ما حيلتي أن أفعل له؟
في الحقيقة، حاول عقلي أن يكون المسيطر على ساحة الموقف، وأن يضبط الإيقاعات المتصاعدة والمتضادة في منطقة الوسط.. دون أن يصيب أو يؤثر على أحدهم بالمقتل!
هو يعرف القلب والنفس والروح... ويجد في نفسه بأن لديه "الموانة" عليهم ليحملهم الحِمل ذلك... وراهن على ذلك.. ونجحوا!
ويحاول العقل أن يكون "أعقلهم" وأن يكون منطقياً لأنه الذي يُسمى بذلك عادةً .. ولكنّه انصدم بنفسه بعدها..
وحدها نفسي لم ترضَ بذلك رغم موافقتها عليه.. لم يكن عكس ما تؤمن به، بل في صميمه.. ولم يكن بغير ما تهوى بل في عز ما تتمناه..
ولم ينفي عنها النجاح رغبتها... ولم ينفي عنها تقدم الزمان غربتها.. ولن تنفي الأحداث التالية ؛ رضاها..
لكنه هو،
"الطريق"
نتعلق به... نؤمل أنفسنا بطويل المُقامِ به... نسمع الذرائع ونصغي لها... نضع الأعذار ونصدقها... نحاول الوصول ؛ لكنه سراب!
حاورتني نفسي كثيراً.. وكنت كتلك الأم التي ترفض أن تسمع ابنتها.. هي تعلم ما تريد قوله.. وليس رفضها لرفضها المثول أمام الحُكم.. لكن كما يقولون: "المُعرّف لا يُعرّفْ"
منعطفٌ صعب
منزلق خطر
جبل شاهق
ووادٍ سحيق
هل شعرت بالهوّة الموجودة في تلك الأماكن؟
هل شعرت بالبرد فيها؟ هل سمعت الصدى المنكسر المترامي على حِجارتها؟
أم هل انتبهت للظلام الدامس فيها؟ ذلك إن تحسست جسدك لحظتها... لن تراه!
....
يا الله
وجدتك هناك
عند ذلك المنعطف
بعد تلك الظلمة
قبس يناديني: أن تعالي
وكانت الإشارة منك وحدك: من هنا الطريق!
وبين التفاتة النفس للطريق الموازي
وشهقة الروح للانعتاق الجديد
والولادة الجديدة
ماذا بعد؟
إنّ ما نخافه حصل!
وإنّ ما نخشاه وقع!
وما نملكه فقدناه!
وما أقلقنا.. سرعان ما انكشف!
ماذا بعد؟
.....
الآن تحسس نفسك... تجدها!

ليست هناك تعليقات: