الجمعة، 23 سبتمبر 2016

اللباس الشرعي بين الأمر والصيحة !

ما يثير حنقي تجاه اللباس الشرعي الممسوخ، المنتشر في أيامنا هذه، أن كثير من الفتيات يرتدونه لأجل التجمل وإظهار الزينة، ويكأننا نسينا أن غرض الجلباب أو اللباس الشرعي هو ستر المفاتن أصلاً.. حتى أصبح في يومنا زينةً في ذاته..
ومع ذلك، أصبحت دور الأزياء تتفنن في تفصيله وتجسيمه، وبث الألوان والبدائع فيه، ولم يكتفوا بذلك، وإنما أصبحت الموديلات قليلاً قليلاً تتجسم أكثر في تفصيل الجسم، وتقصر أكثر وأكثر بدعاوى كثيرة..
دائماً ما أشعر أن الهوية الإسلامية شماعة أو بالأحرى حجة لشيء ما.. فمثلاً لأجل اقناع البعض بارتداء الجلباب أصبح الجلباب يُمسخ في هيئات ليست له، وجعله وردياً مغطىً بالزهور والورود والموديلات التي لا تفرق كثيراً عن اللباس العادي، لكي لا تشعر من تريد ارتداء الجلباب أنها غيرت من/في حياتها شيئاً كثيراً، وأنها فقط تطورت في زيّها، لا أكثر!
نسياً من الكثيرين، أنه فرض وواجب.. لكن الأسهل هو التلاعب في المصطلحات وإقناع النفس بحداثية الحياة، وأن الدين متشدد ويلزمنا بما لا نستطيع الالتزام به، بينما كان الأسهل لهم -للوالدين- أن يعلموا ابنتهم الحِشمة من عمر مبكر، وحين يكون أمر الجلباب لها يغدو أمراً أسهل عليها وتتقبله كغيره..
ولكن ما نقول في ضياع هوية الآباء ابتداءً، ورغبتهم بأن تعيش فتاتهم حياتها، ويكأن الحياة لا تُعاش إلاّ بالانسلاخ من الهوية ورغبة الجسم بالستر!
اللباس الشرعي يبقى شرعياً حيث كنت.. في أي دولة وفي أي قارة.. تمنى البعض الذهاب للدول الأوروبية ليكون لباسهم مخففاً بحكم صعوبة لباسه ومنعه في دولٍ أخرى.. لم يستطيعوا ذلك، فأُحضرت أوروبا لهم وبلاد العم سام.. وحين ذهبنا إليهم كنا جاهزين لأن يستقبلونا بأيديهم ونخلع رداء هوّيتنا بكلّ سهولة، وكما يقال " لنا ثُلُثي الخاطِر" بأن ننزع عنا قطعة القماش هذه أو نقصرها قليلاً، حتى تختفي مع الأيام!.. فأين الدعوة والجهاد ونشر الدين الذي ذهب إليه هؤلاء في تلك البلاد وهم قد خضعوا لفلسفة الغرب، وغالب الدول لا يمنع الحجاب أصلاً؟ 
لست لأجبر أحداً في مقالي هذا ب زِيٍ ما، وجده واجباً عليه أم لا.. لكنني أقول ما أؤمن به، وأرغب بقوله بين أصوات كثيرة تنتشر اليوم منادية بالحرية، وأنا أرى في ما أقول حرية أيضاً.. 
قال لي أحدهم ذات مرة: أن "الأَمَة" في الحكم الشرعي ليس واجباً عليها ارتداء الحجاب أصلاً أمام الرجال، وأنها طالما كانت "عبدة" فهذا الحكم بحقها، حتى تصبح حرة، فيكون حكم الحجاب فرضاً عليها... رغم أن هذا الشخص من مؤمني بفكرة عدم الحجاب أصلاً، لكنه يؤمن بالمقابل بفكرة الستر.. فكاني جوابي له: عجباً لفتاة ترضى بأن تأخذ حيلةً حكماً شرعباً ليس لها، بُغية تبرير لنفسها، خلقها الله حرة وهي تأبى العبودية لغيره!... 
الأعجب من ذلك، أن "الحُرّة" في العصر الجاهلي تُعرف بزيّها وحجابها الذي تغطي به شعرها.. نعم لم يكن كالحجاب الشرعي، لكنه كان هويتها الذي يميزها عن فتيات العبيد والبغاء...
اللباس الشرعي بين الحجاب والجلباب.. مسافاتٌ طويلة.. ولغةٌ رأسمالية تنتشر في الأسواق لاقت قلوباً أميلَ إليها من سواها.. من يُرد تفصيلاً من هذا يجده سريعاً وبكثرة.. ومن تُرده بحقه ستجده ولو بعد حين... كأي شيء يحتاج منك البحث عنه!
دوماً ما أتسائل: حتى لو فُرضت علينا هذه البضاعة فرضاً، لو لم يشترها أحد.. أو من اشتروها كانوا قِلة، فهل كانت لتستمر؟!
صدق الله العظيم " ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين"
يجب التنويه نهايةً، أن اللباس الشرعي ليس فقط بالحجاب والجلباب، وإنما هو ستر لصاحبته أيضاً وحافظاً لها ولأخلاقها وأفعالها، حيث/حين تحفظ هي نفسها، وكيف تفرض نفسها..
ارتدوا ما تشاؤون، لكن لا تُلحقوا اسم الشرعيّ عليه... اللباس الشرعي كُلٌ، فلا تجزؤوه..

الاثنين، 5 سبتمبر 2016

الإيمان ليس الحل!

ليس كل شيء في هذه الحياة حلّه الإيمان!
حين تعترض حياتنا المواقف والصدمات.. تحتاج منك أن تتعامل معها كما هي.. أن تواجهها وتصمد أمامها وتعرض الحل عليها..
ماذا يفيد الإنسان المؤمن أن يلقى في عرض البحر وهو لا يعرف السباحة؟ هل سيشفع له إيمانه ويُنجيه؟
نعم،
المؤمن هو أكثر قدرة على مواجهة الأمور.. وأكثر قدرة على الثبات..
هو لا يعيش على هامش الحياة وترفها، ولا ينظر للأمور من جانب الدروشة والتصوّف، فعند الفقد تجده لا يهتم!
لا،
لكنه يُقارن ما فقده مادياً ومعنوياً بشيءٍ أغلى وأغنى لديه.. فإن وجده، هان عنده الفقد، وتسامى مع نفسه حتى يجد حلاً للأمر الذي أصابه،
تماماً كقوله جلّ وعلا: "فإذا فرغت فانصب، وإلى ربك فارغب"
الآية واقعية جداً.. والله لا ينكر عليك تشتت فكرك في لحظة وفترة ما... ويطلب منك بعد معايشتها والانغماس بهمها، أن تخرج وتنطلق.. وتوجه وجهك لله!
الإيمان ليس الحل الوحيد، لكنه الحبل الذي يربطك، والركن الذي يُبقيكَ قوياً..
والله لا يُسار إليه بالجهل... ولا يُعرف بالجهل.. ولا حتى في ذلك الإيمان ؛ يؤمن به جهلاً..
فمزاحمة ذلك، بالتالي، لا يكفيه الإيمان، وإنما أن تسلك طريقه الناجعة بسلاح إيمانك..
فالإيمان لا يجعلك تحيد في طريق الحل إلى طريق حل آخر يوقعك فيما لا يرتضيه لك الله.. وحينها تتكاثر المنعرجات، وحلٌ خاطئ يؤدي إلى من هو أكثر خطأ منه..
خسرت أموالك؟ تركت عملك؟ أصبت بسقم؟.. ليس الإيمان هو حلها الوحيد..
يجب أن تذكر لنفسك رغم الفقد السبيل لإعادة ذلك أو إيجاده.. والله يعوّضك بما هو خير منه..
تحتاج لعلمك وعملك كي تسير إليه..
وأن تكون بعقلك وقلبك.. فِكركَ وشعورك.. رغبتك ورهبتك..
أن تحبه لا يكفي.. يجب أن تتبعه وتغذ السير بعملك إليه