الأحد، 2 نوفمبر 2014

من أين أنت ؟!


في غمرة الإختلاط بالثقافات اليوم .. يتهادى سؤال : من أين أنت ؟!
سابقًا ؛
ستجيب أنا من سورية .. من المحافظة الفلانية.. وقد تُسهب في الشرح عن منطقتك وأصلك وعائلتك البعيدة في المكان..

لكن ما يحدث في أيامنا .. يجعلنا نقف أمام أنفسنا ، لنغيّر الجواب... وتتسع في المقابل دائرة الولاء.

كمسلمين نعيش على هذه الأرض ، والحوادث من حولنا .. تجعلنا نقترب أكثر من الشمال والجنوب والشرق والغرب ..
فالإنسان يشعر بأخيه الإنسان وما يعتريه من قسوة وألم وظلم...
سواء أكان في فلسطين، مصر، اليمن، سورية ، العراق ، تونس...إلخ
أو كانت في بورما .. من ذبح وقتلٍ للمسلمين العزّل فيها ..

ترى أيُّ القضايا تتبناني كإنسان ؟
وأي أرض أكثر ظلمًا تستدرج فيّ العزم والهمة ؟
أم هل أتحدث عن البلد الذي عِشت فيه سنين حياتي ودرست وكبرت فيه؟
أم البلد الآخر الذي زرته ؟
أم البلد الذي لجأت إليه خوفًا واستقرارًا وأمنًا ؟!



أختم كل ذلك بما قاله الشاعر، عمر بهاء الدين الأميري –رحمه الله-:

تقول: أمن سورية؟, قلت :بل 
من المشرقين من المغربين !
أنا مسلم وبلادي امتداد الأذان
المجلجل في الخافقين
وقومي وأكرم بها عروة ,
فكل مصل بتكبيرتين !


ورغم كلّ الحدود الوهمية بيننا ... الأرض لله ، خلقنا منها وإليها نعود ..


الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

وَهم

ترتديهما ، وتكمل ارتداء ملابسك استعدادًا للخروج ،
تشرب قهوتك وتخرج ... أو ربما لضيق الوقت قد تأخذها من الطريق ..
لديك تخوّف ما ... هل آخذ ما ينوب عنهما ؟ أم هل آخذ القديمة منهما فيما لو احتجت لها ،
في لحظة قد تخونانني فيها .. أو يسقطا ؟ أو حتى تفسدا فجأةً ؛ هذا ما قاله لي الطبيب: حين تشعرين بحرقتهما ؛ ارميهما !
مع أنّ الأمر أجرّبه لأول مرة ... لكنّ التخوّف لديّ حاصل ..

أذهبت عني كل هذه الكلمات ، وخرجت دون أي بديل ، إلا من القديم و (قديمك نديمك) ... تحسبًا لأي أمر ... ولن أخسر شيء !
خرجت للشارع وأنا أنظر لجمال الحياة من حولي .. وكيف أنّ هذه التجربة الجديدة قد أضفت وغيّرت الكثير من الأشياء ..
كم هو جميل النظر للأشياء من حولنا دون عائق بيننا وبينها؟
وكم هي مخيفة تلك الاستعارة التي قد تفسد في أي لحظة ...؟
كم هو جميلٌ الكمال في الأشياء، وعودتها إلى أصلها كما خلقها ربها؟
وكم هو مخيف شعور أنّ هذا الكمال "قد" يزول في أي لحظة؟
{ في مثلٍ قديمٍ يقولون: ثوب العيرة ؛ لا يُدفئ ، وإن دفّأك ؛ لا يدوم لك}
وكم هو جميلٌ شعور التحررّ من الأشياء المقيّدة لنا، والتي تشعرنا أنها قد تتكسر، أو تؤذينا أو غيرنا؟
وكم من الأشياء اللامرئية تضيرنا ولا نعرفها؟ ونعرفها ونتغاضى عنها ؟!

هذا ما قد يأخذك إلى طرف مقابل بالأمر ، بتصحيح الأمر من جذره ، والذهاب إلى طبيبٍ آخر، يستأصل لك العلّة من جذورها ، فتعود لأصولتك، دون خوفك من الإضافة المؤقتة !

أفكار كثيرة تدور في ذهنك لحظتها ، وأنت تستمتع بالأشياء من حولك ... كأنك قد أبصرتها توًا ... كأنك ذلك الشاب الذي يتحدث إلى أبيه في القطار ؛
-         أبي ، إنّ الشجر يتحرك معنا !
-         أبي،  إنّ السماء زرقاء !
-         أبي !! .. إنها تمطر !!! ... إنه المطر يلتصق بي !!
تمامًا مثله ... وربما شعر الناس المارّين من حولك ، بأنك خفيف على الأرض ، محلّق في السماء ..

"لا يهم" ... هذا ما قلته لنفسي أيضًا .. حين يهبنا الله نعمة جديدة ونستمتع بها ، تلك فكرة لا تعوّض !

أنهيت كلّ ما يلزم من حولي ، وعدت للمنزل ...
أزلتهما عن عيناي ... "العدسات اللاصقة" ... وعدت أرى الأشياء "القريبة" من حولي بذات الدرجة الأولى قبلهما ...
هل حقًا الأشياء تكون جميلة رغم علمنا أنها مزيفة وغير حقيقية ؟
وكيف يمكن أن يعطينا الزيف جمالاً ؟!

وقد يتبادر لنفسك الأمارة بما تأمر به ، أنّ العدسات ذات عمل النظارة ، مع شيءٍ من الترف قليلاً ! .. ولكنّ العملية واحدة !
هذا (الترف) هو ما قد يودي بكِ يا نفسي ، إن لم تريه حقيقةً بزيفه، يودي بكِ!


لكن، خطوةٌ ما ، قد غدت لازمةً بعد كلّ هذا ... 


الثلاثاء، 6 مايو 2014

سيسألونك



سيسألونك عن خبرتك وتجاربك ،
ستكون حياتك وما نتجته من المواقف المتكررة فيها ، وبُعيدَ كلّ امتحانٍ كان لك فيها عِبرة ، ودرس تعطيه لغيرك بدون أن يُصيبه الألم أو يضيع من سِنيّ عمره الكثير!

سيسألونك عن ذلك البلد ، هل زرته؟
ستجيبهم : لا
سيزيد تعجّبهم بك ... كيف تعرف هذه التفاصيل عنهم؟
وأنت بالمقابل ستستغرب استغرابهم!
فماذا بشأن الكتب؟ قنوات التلفاز الوطنية لكلٍ منهم؟ ماذا عن الأفلام الوثائقية؟ ماذا عن العادات التي نُقلت إلينا؟ ماذا عن تجارب الآخرين في تلك البلاد؟
وماذا أيضًا عن أهل البلد أنفسهم، والذين قد بتّ تلقاهم في مكانك، والهجرات (الإختيارية/الإجبارية) كان لها بذلك إيجابية!

سيسألونك عن وطنك ...
زرته مرة أو اثنتين .. فكيف تعرف عنه هذه التفاصيل؟ وكيف تحنُّ لها، وأنتَ بعيدٌ كلُّ البعد عنه طيلة حياتك مذ منبتك في الغربة؟
هنا سيزيد على عدد تلك الزيارات ... فضلَ الوطن الذي كان قد أنجبك وسببًا لوجودك ... ذاك الوطن الذي ما كان يُشعرك بالغربة والحنين لتلك الحجارة ، إلاّ في لحظة اللقاء تتمناه ، لتتجمعوا ثلاثتكم سويّة

كيف نعيش ونرى كل هذه التفاصيل فيها حياتنا .... ثم يأتون ويسألونك؟!

ألسنا على ذات الأرض ؟