الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

خريفٌ مورِقْ



انتهى موسم أولئك المتباكين على الجراحات.. أصحاب الألم الذي لم يصب أحد سواهم!
الذين يحيون بالنكد والتعاسة ويتنفسونها،، كأن الحياة جحيم لا يطاق، وكأن الله لم يخلق سعادة في هذه الدنيا أبدًا.. وكأن البهجة لا وجود لها..
انتهى شعور النفس بأنها الأقل.. ليس لأنها الأكثر
انتهى وقت الحلم.. ليس لأننا استيقظنا بل لأنه وقت العمل..

انتهى زمن الامل.. ليس للألم أو اليأس حتماً.. بل لعدم الترقب لأي مزيد من الآخرين، واليأس منهم وعدم توسّم أي مقابل كذلك..
إنه زمن الخط الواحد بلا عودة.. زمن المضي دون رجوع.. زمن التقدم دون التفات
زمن أن تصبح قوياً تحمي موقعك وعرينك.. زمن أن تضع بطاقات للدخول، وتدقق على كل شاردة وواردة.. تحمي عرينك، وتقوي عضلات نفسك؛ جسداً وروحاً وقلباً ومعنىً..
زمن أن تتصدى لكل شيء لوحدك.. عارياً من كل الأشخاص، عارياً من كل مسمى.. أنت وحدك
إن قدّر الله لك من يشد على يدك، من يقف بجانبك، من يربت على كتفك، يمسح عرقك... حتى دمعك؛ فبها ونعمت..
وإلاّ.. قاتل وحدك

الجمعة، 11 ديسمبر 2015

من ذاكرة وطن



كانت غرفة فيها شباك واحد.. تطل على ما يسمى "أرض الحوش العربي".. من تلك النافذة يطل عليك المسجد بمئذنته ومؤذنه الذي يحمحم وهو صاعد للآذان من أجل الحريم الكاشفات أن تتسترن!

السقف المرتفع لخمسة أمتار.. وفيه المروحة تدور.. وأنت في الأرض تنظر إليها تظنها ستعانقك وتسقط فوقك لتقطعك إربا!!
لكنك تهز رأسك يمنةً وشمالًا... فلم تعتد بالغربة على أسقف بهذا الارتفاع..

تنزل من الغرفة بأربع درجات لأرض الحوش.. على يمينك الكبادة والليلك وزهر البنفسج والورد الجوريّ.. الليمونة والياسمينة.. العطرية وزهر المخمل!

أما أمامك في جهة الشمال .. فقد حُفرت حفرتين في الحائط.. فقد كان هذا البيت لنصارى.. وقبلتهم عكس المسلمين للشمال!
-هكذا قيل-
توجه فوراً لأمامك.. واصعد الدرج من على شمالك.. تقريباً عشرون درجة على ما أذكر..
الدرج عالٍ.. كل درجة تحتاج لجهد ومجهود.. والبلاط فيها حكاية أخرى.. 
إن كنت رجلاً لا تطل كثيراً برأسك.. فسوف يُعرف أن أهل هذا البيت "والعيلة الفلانية: "ما عندن ناموس" ورجالهم "بتبصبص" عالحريم..
يصعب أن تفهم الرابط.. حتى تذهب وترى.. أن الحريم للآن تخرج إلى فناء الأحواش القديمة تماماً كما هنّ داخل بيوتهن.. بذات الملابس ودون حجاب..
نعم.. فالعادة ما زالت جارية..
ولا يقف على الاساطيح إلاّ "...."

أما كفتاة مثلي.. بل سأقف وأصور أيضاً -ما يحق لي تصويره-




الوقت صيف الآن.. شهر آب "آب اللهاب" كما يسمونه.. ففي مدينتي، صيفها جاف حار نوعاً ما.. وهو حارق بمعنى الكلمة! 

وصلنا سطوح البيت العربي هذا... هو بالطبع مطل على تاريخ المدينة.. على بيوت عربية قديمة مثله.. تتكئ بجدرانها وحيطانها على بعضها البعض.. كما أن الشجر قد يرتقي عند بعضهم ليتعانق فوق تلك الحدود..
في الصيف في مدينتي كذلك.. مشتهرة بـ"المونة".. وحفظ التموين للسنة القادمة والمغتربين والحاضرين.. وحتى لقرنٍ قادم
فتطل عليك الأسطحة الأخرى وهي ملونة باحمرارها بسبب تجفيف البندورة ودبس البندورة التي يطلقون عليها اسم "مية افرنجي؛ وذلك لأن البندورة اسمها القديم في المدينة:افرنجي" وأيضاً الفليفلة ودبس الفليفلة..
كذلك الباذنجان "البانجان" المجفف والقرع والبامية وغيرهم الكثير..
مدينتي بأسطحتها لونها أحمر... برائحتها معتقة بحمضية البندورة وحلاوتها في ذات الآن..







ولا تنسون رائحة "سوق المدينة"، فرائحة بهاراته وعطّاريه قد وصلت كذلك..

في الأفق.. تراءى لي خيط من سور قديم.. الصورة تحتاج لتدقيق بين كل هذا القِدَم الذي تنظر عيني إليه...
نعم، إنها قلعة حلب!



** الصور من زيارة لمدينة حلب الشهباء في أيلول/2010

الجمعة، 24 أبريل 2015

بحثًا عن الإيمان

...الإيمان...

تلك الكلمة التي لا نعني معناها حين كنا صغارًا.. ولكننا اليوم كبرنا.. فأدركنا أن الإيمان هو ما نريده ونبحث عنه ليس الإيمان فقط بالله عز وجل..

ندخل الجامعة ونحن نبحث عن فكرة.. تخصص.. دكتور في الجامعة يُدرّسنا بطريقة نؤمن بها ويعطينا ما نبحث عنه وإن لم يكن ضمن المخطط..
نبحث عن طريق الإيمان هذا إلى أين من الممكن أن يأخذنا.. وهل هذا الطريق لنا؟

نتخرج ونحن نبحث عن من يكمل معنا هذا الطريق.. نعم، ربما عملنا مع من استنزف قوانا.. أفكارنا وثبط طموحنا.. حتى نكوّن ما يسمونه خبرة او تدريبًا.. ولن نهدأ حتى نحط رحالنا في بداية طريق الحلم والهدف..

مدير نؤمن بفكرته وأسلوبه.. طريقة عمله وتعامله.. ما يقدمه للعاملين والناس.. فنطمئن

نبحث عن صديق يؤمن بنا.. يشد على أيدينا حين تضيق بنا الحياة.. ويربت على أكتافنا لصدق ما نحمل.. فنطمئن

نبحث عن الشريك.. من يُكملك.. يتكامل معك.. يسمعك.. الذي اختارك لإيمانه بك.. ورسالة تحملها.. وهدف واحد ترنوان إليه.. فتطمئنان كل ذلك إيمان وإيمان... وما الإنسان بدون ذلك الإيمان أو بعضه سوى وحيد معزول حزين ولن ينتهي الإنسان منا في كل ذلك حين يصله..

يبقى الإيمان يستدعيه لهدف أعلى وأعز.. لإيمان يهوّن عليه غدر الإنسان وخيانة الزمان.. يؤنسه لحظة وحدته عن كل من يؤمن بهم ويؤمنون به..

الإيمان بالله تعالى عز وجل.. هذا الإيمان الذي بدونه لسقط الإنسان.. وضاعت به سبل الحياة وضاقت..

من هنا يظهر دور الآباء وما يقدموه لأولادهم ... أن يعطونهم ما يحتاجونه ويكون لهم درعًا في مواجهة الحياة قبل أن يبحثوا عنه ولا يجدون أنهم يملكونه..
أو تضيع بهم الدروب وليس لهم من السلاح والقوّة شيء يحمي ، يردع أو حتى يدفع !

يا رب...
من عرفك كيف يفقدك؟!