الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

وَهم

ترتديهما ، وتكمل ارتداء ملابسك استعدادًا للخروج ،
تشرب قهوتك وتخرج ... أو ربما لضيق الوقت قد تأخذها من الطريق ..
لديك تخوّف ما ... هل آخذ ما ينوب عنهما ؟ أم هل آخذ القديمة منهما فيما لو احتجت لها ،
في لحظة قد تخونانني فيها .. أو يسقطا ؟ أو حتى تفسدا فجأةً ؛ هذا ما قاله لي الطبيب: حين تشعرين بحرقتهما ؛ ارميهما !
مع أنّ الأمر أجرّبه لأول مرة ... لكنّ التخوّف لديّ حاصل ..

أذهبت عني كل هذه الكلمات ، وخرجت دون أي بديل ، إلا من القديم و (قديمك نديمك) ... تحسبًا لأي أمر ... ولن أخسر شيء !
خرجت للشارع وأنا أنظر لجمال الحياة من حولي .. وكيف أنّ هذه التجربة الجديدة قد أضفت وغيّرت الكثير من الأشياء ..
كم هو جميل النظر للأشياء من حولنا دون عائق بيننا وبينها؟
وكم هي مخيفة تلك الاستعارة التي قد تفسد في أي لحظة ...؟
كم هو جميلٌ الكمال في الأشياء، وعودتها إلى أصلها كما خلقها ربها؟
وكم هو مخيف شعور أنّ هذا الكمال "قد" يزول في أي لحظة؟
{ في مثلٍ قديمٍ يقولون: ثوب العيرة ؛ لا يُدفئ ، وإن دفّأك ؛ لا يدوم لك}
وكم هو جميلٌ شعور التحررّ من الأشياء المقيّدة لنا، والتي تشعرنا أنها قد تتكسر، أو تؤذينا أو غيرنا؟
وكم من الأشياء اللامرئية تضيرنا ولا نعرفها؟ ونعرفها ونتغاضى عنها ؟!

هذا ما قد يأخذك إلى طرف مقابل بالأمر ، بتصحيح الأمر من جذره ، والذهاب إلى طبيبٍ آخر، يستأصل لك العلّة من جذورها ، فتعود لأصولتك، دون خوفك من الإضافة المؤقتة !

أفكار كثيرة تدور في ذهنك لحظتها ، وأنت تستمتع بالأشياء من حولك ... كأنك قد أبصرتها توًا ... كأنك ذلك الشاب الذي يتحدث إلى أبيه في القطار ؛
-         أبي ، إنّ الشجر يتحرك معنا !
-         أبي،  إنّ السماء زرقاء !
-         أبي !! .. إنها تمطر !!! ... إنه المطر يلتصق بي !!
تمامًا مثله ... وربما شعر الناس المارّين من حولك ، بأنك خفيف على الأرض ، محلّق في السماء ..

"لا يهم" ... هذا ما قلته لنفسي أيضًا .. حين يهبنا الله نعمة جديدة ونستمتع بها ، تلك فكرة لا تعوّض !

أنهيت كلّ ما يلزم من حولي ، وعدت للمنزل ...
أزلتهما عن عيناي ... "العدسات اللاصقة" ... وعدت أرى الأشياء "القريبة" من حولي بذات الدرجة الأولى قبلهما ...
هل حقًا الأشياء تكون جميلة رغم علمنا أنها مزيفة وغير حقيقية ؟
وكيف يمكن أن يعطينا الزيف جمالاً ؟!

وقد يتبادر لنفسك الأمارة بما تأمر به ، أنّ العدسات ذات عمل النظارة ، مع شيءٍ من الترف قليلاً ! .. ولكنّ العملية واحدة !
هذا (الترف) هو ما قد يودي بكِ يا نفسي ، إن لم تريه حقيقةً بزيفه، يودي بكِ!


لكن، خطوةٌ ما ، قد غدت لازمةً بعد كلّ هذا ...