الكهف - قصة أصحاب الجنة
-
الرجلين كانا مؤمنين
-
الجنتان آتت أكلها
-
إحدى صاحبيّ الجنتين له مالٌ وولد، عكس الآخر
-
يجحد بنعمة الله صاحبة المال والولد والخير العميم في
الجنة ، بنسبة كل ذلك الخير لعمله وقوته
-
تذكير صاحب الجنة الاخرى لصاحبه بأنّ ذلك هو من فضل الله
"ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله" ، برغم أنه أقل
منه "مالاً وولدًا"
-
تذكير صاحب الجنة لصديقه أنّ لا يغتر بهذا الخير وأن
يعود عن نسبة الخير لنفسه، لأنّ الله بقادر على أن يتلف هذا الزرع، أو يجعل الماء
غائرًا في قعر الأرض ، فكيف سيصل إليه ؟
-
صبر واحتساب الطرف الآخر –صديقه الصالح- وعدم انكاره على
وضعه لأنه قال " إن ترنِ أناْ أقل منك مالاً وولدا" ، واتعاظه من جحود
ما يراه من صديقه ونصحه له رغم كل ذلك
-
وحين حصل لصاحب الجنة المغرور ما نبهه عليه صديقه ،
"ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا" الشرك هنا –برؤيتي- ليس بأنه اتخذ
إلاهً غير الله تعالى .. ولكنّه أشرك نفسه بالقوّة والقدرة ، وغرّته المنعة والمال
والجنة والنعمة التي هو فيها .. فهو –برأيي- إشراكٌ معنويّ .. وأرى بذلك دليل قول
صديقه له " ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله" أي
ذكّره صديقه بأنّ هذه القوّة والجنة وجمالها هو من عند الله تعالى ، لا منك !
-
وحسب المجتمع الذي نعيش فيه ، فإنني أرى من هذه الأيات
والتي يكثر بين الناس عن السحر والعَين ، اللواتي لا ننكر أثرهم .. ولكن !
·
الإنسان حين يرزقه الله فيجحد بنعمة الله عليه
·
حين لا يكون هو أول من يقول على من رزقه الله "ما
شاء الله ، لا قوةّ إلاّ بالله" .. ففي عصرنا أصبحت هذه الكلمات مخصصة (للمشايخ) والملتزمين ! .. بينما أراها واجبةً على كل عبد يعرف نعمة
الله تعالى عليه ويراها
·
المادية التي نعيش فيها بمجتمعاتنا ، جعلت الإنسان حين
يصل لما يريد في زهوٍ وكبرٍ وغرور .. جميل أن يعتزّ الإنسان بما وصل إليه .. وأنّه
بعد صعابٍ كثيرة وتعب جمّ ، قد وصل لما يريد .. ولكن عليه أن يتذكر بأن رغم كلّ
ذلك الفضل والشكر والمنّة والحمد والثناء لله تعالى وحده .. فلولاه لما وصل لما
وصل إليه ... وبدون شكره وحمده سيزول ما وصلت إليه ! ،
فبالشكر تدوم النعم ، وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ
لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴿ابراهيم: ٧﴾ ،،، وَقَلِيلٌ مِّنْ
عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴿سبإ: ١٣﴾
لمزيدٍ من الفائدة والتصوير ، في الظلال (ظلال القرآن - لسيّد قطب) ، تصويرٌ بديعٌ جميل ، موجود في الإقتباس التالي:
وتبدأ القصة بمشهد الجنتين في ازدهار وفخامة:{واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب، وحففناهما بنخل، وجعلنا بينهما زرعاً.كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً، وفجرنا خلالهما نهراً. وكان له ثمر}..فهما جنتان مثمرتان من الكروم، محفوفتان بسياج من النخيل، تتوسطهما الزروع، ويتفجر بينهما نهر.. إنه المنظر البهيج والحيوية الدافقة والمتاع والمال:{كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً}.. ويختار التعبير كلمة {تظلم} في معنى تنقص وتمنع، لتقابل بين الجنتين وصاحبهما الذي ظلم نفسه فبطر ولم يشكر، وازدهى وتكبر.وها هو ذا صاحب الجنتين تمتلئ نفسه بهما، ويزدهيه النظر إليهما، فيحس بالزهو، وينتفش كالديك، ويختال كالطاووس، ويتعالى على صاحبه الفقير: {فقال لصاحبه- وهو يحاوره- أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً}..ثم يخطو بصاحبه إلى إحدى الجنتين، وملء نفسه البطر، وملء جنبه الغرور؛ وقد نسي الله، ونسي أن يشكره على ما أعطاه؛ وظن أن هذه الجنان المثمرة لن تبيد أبداً، أنكر قيام الساعة أصلاً، وهبها قامت فسيجد هنالك الرعاية والإيثار! أليس من أصحاب الجنان في الدنيا فلا بد أن يكون جنابه ملحوظاً في الآخرة!{ودخل جنته وهو ظالم لنفسه. قال: ما أظن أن تبيد هذه أبداً، وما أظن الساعة قائمة. ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلباً}!إنه الغرور يخيل لذوي الجاه والسلطان والمتاع والثراء، أن القيم التي يعاملهم بها أهل هذه الدنيا الفانية تظل محفوظة لهم حتى في الملأ الأعلى! فما داموا يستطيلون على أهل هذه الأرض فلا بد أن يكون لهم عند السماء مكان ملحوظ!فأما صاحبه الذي لا مال له ولا نفر، ولا جنة عنده ولا ثمر.. فإنه معتز بما هو أبقى وأعلى. معتز بعقيدته وإيمانه. معتز بالله الذي تعنو له الجباه؛ فهو يجبه صاحبه المتبطر المغرور منكراً عليه بطره وكبره، يذكره بمنشئه المهين من ماء وطين، ويوجهه إلى الأدب الواجب في حق المنعم. وينذره عاقبة البطر والكبر. ويرجو عند ربه ما هو خير من الجنة والثمار:{قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً؟ لكنا هو الله ربي، ولا أشرك بربي أحداً. ولولا إذ دخلت جنتك قلت: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً. فعسى ربي أن يؤتين خيراً من جنتك، ويرسل عليها حسباناً من السماء فتصبح صعيداً زلقاً، أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلباً}..وهكذا تنتفض عزة الإيمان في النفس المؤمنة، فلا تبالي المال والنفر، ولا تداري الغنى والبطر، ولا تتلعثم في الحق، ولا تجامل فيه الأصحاب. وهكذا يستشعر المؤمن أنه عزيز أمام الجاه والمال. وأن ما عند الله خير من أعراض الحياة، وأن فضل الله عظيم وهو يطمع في فضل الله.وأن نقمة الله جبارة وأنها وشيكة أن تصيب الغافلين المتبطرين.وفجأة ينقلنا السياق من مشهد النماء والازدهار إلى مشهد الدمار والبوار. ومن هيئة البطر، والاستكبار إلى هيئة الندم والاستغفار. فلقد كان ما توقعه الرجل المؤمن:{وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها، وهي خاوية على عروشها، ويقول: يا ليتني لم أشرك بربي أحداً}..وهو مشهد شاخص كامل: الثمر كله مدمر كأنما أخذ من كل جانب فلم يسلم منه شيء. والجنة خاوية على عروشها مهشمة محطمة. وصاحبها يقلب كفيه أسفاً وحزناً على ماله الضائع وجهده الذاهب. وهو نادم على إشراكه بالله، يعترف الآن بربوبيته ووحدانيته. ومع أنه لم يصرح بكلمة الشرك، إلا أن اعتزازه بقيمة أخرى أرضيه غير قيمة الإيمان كان شركاً ينكره الآن، ويندم عليه ويستعيذ منه بعد فوات الأوان.هنا يتفرد الله بالولاية والقدرة: فلا قوة إلا قوته، ولا نصر إلا نصره. وثوابه هو خير الثواب، وما يبقى عنده للمرء من خير فهو خير ما يتبقى:{ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله، وما كان منتصراً. هنالك الولاية لله الحق، هو خير ثواباً وخير عقباً}..ويسدل الستار على مشهد الجنة الخاوية على عروشها، وموقف صاحبها يقلب كفيه أسفاً وندماً وجلال الله يظلل الموقف، حيث تتوارى قدرة الإنسان..وأمام هذا المشهد يضرب مثلاً للحياة الدنيا كلها. فإذا هي كتلك الجنة المضروبة مثلاً قصيرة قصيرة، لا بقاء لها ولا قرار:{واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض، فأصبح هشيماً تذروه الرياح، وكان الله على كل شيء مقتدراً}..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق