بسم الله الرحمن الرحيم
منذ ُ فترة ٍ لا بأس بها .. خرجت مع عائلتي للتسوّق في إحدى المولات الكبيرة الموجودة في منطقتنا ..
وأثناء نزولنا من طابق ٍ لآخر .. عبر الدرج المتحرّك .. كانت قد وقفت أمامي امرأة ٌ تامـّـة الحجاب والملبس ( المحتشم ) .. لكن لسهو ٍ ما ؛ لم تشعر أن ّ حجابها قد تحرّك ؛ فبالتالي بان وظهر جزء ٌ من رقبتها ..
كانت هي منصرفة ٌ بالحديث مع زوجها الذي كان ماسكا ً بزمام عربة طفليهما ..
وأنا خلفها أنظر وأراقب .. كانت ترمُــق ُ كل ّ شيء بنظرات ٍ شذرى لا معنى وسبب لها .. وقفت ُ خلفها .. شعرت الدرج كأنه كان لساعات حتى ينتهي .. وكأنني واقفة ٌ في مكان ٍ لا بدّ لي من اتخاذ قرار ٍ حتى أخرج منه ..
ترددت في نفسي كثيرا ً .. لا أدري ما السبب ؛ لكن أكثر ما أذكره هو أنني ربما قد شعرت بأنني ( سأدخل بخصوصية ٍ ) لها -كما يُـجيب الكثيرون- ، قد لا تـُرضيها ، وبالتالي أنال التعنيف والسـَـباب وبعضا ً من نظراتها تلك ..
وفي نفس الوقت ؛ أفكـّـر بأن : من أين أتت تلك الأفكار السوداء ؟ ولماذا تخيـّـلتها بهذه الوحشية ، وهي تبدو أما ً وديعة ؟؟؟
ربما في مجتمعنا ؛ لم نعتد على تقديم النصيحة ، لأننا دائما ً نرى رد الفعل السيئة .. أو نتوقع الشيء السيء من الناس حتى وإن لم نعرف عنهم أي شيء .. فالشيء والظن السيء بهم هو الشيء المقدّم بداية ً ..
ومئات المرّات تسابقت مع العشرات ، بأن : نعم ! .. ولم َ لا ؟
وعندما قررت نفسي بأن : نعم !
الآن جاء دور يدي ، إما أن تقوم بسحب الحجاب وتغطية المنطقة الظاهرة من المرأة الموجودة أمامي .. وإما أن أناديها وأخبرها وتتدبر هي أمرها ..
وعادت نفسي لتحتار وتفكـّر بطريقة ٍ وبأخرى ..
ولكنني باغتها بأن اتخذت قرارا ً قاطعا ً .. ولن أراجعها به ، فقط عليّ الإقدام وفعله !
فمددت يدي ، وسحبت حجابها المنسدل على كتفها وأخفيت ما كان ظاهرا ً من رقبتها ..
والذي صدم نفسي من تلك الخطوة .. أن ّ المرأة لم تشعر بأيّ شيء بعد ذلك .. وحتى أنـّها لم تنتبه لأحد ٍ قد صنع شيئا ً لها أو لمسها !!
وانتهى حينها الدرج ، وكل ٌ منـّا قد افترق لطريقه !
الموقف الذي استوقفني حقا ً .. أننا فعلا ً ؛ لماذا هناك الكثير من الأشياء في حياتنا .. تأخذ منا وقتا ً في التفكير وهي لا تستحق كل هذا العناء من التفكير .. ؟
ولم َ أيضا ً .. نفكـّر في الكثير من الأشياء التي تمرّ والتي (قد) تمرُّ في حياتنا -حسب اعتقادنا وظنوننا- ، ثم نجد أن ّ الله قد دبّـر أمورا ً وأقدارا ً أخرى غير التي كنا نظن ..
وتتغير كل هذه الأشياء في الحياة ، بين لحظة وأخرى .. فينة وأخرى .. ثوان ٍ فقط !
فلم نكلـّف أنفسنا عناء التفكير في أمور في حياتنا لا تستحق ؟؟
ولماذا أمور هي بديهية ، تأخذ منا الكثير من التفكير ؟ والناس في مثل هذا الموقف لن تتضايق ! - خاصة أن ّ الموقف يـُظهر ويوضح هذا الشيء .. فلباسهم أكبر مثال لردّ أفعالهم !
دعوا الأمور تأخذ موضعها من التفكير فمن المؤكد أننا يجب أن نفكـّر في الكثير في حياتنا .. ولكن لا تجعلو ذلك يأخذ وقتا ً قد نستطيع من خلاله أن ننجز شيئا ً مفيدا ً في حياتنا ..
وبالمقابل بعد أن أخذنا وقتنا في التفكير ، وصنعنا ما بمقدورنا صنعه .. أن نتوكـّل أولا ً وآخرا ً على المولى عزّ وجل .. ونسلـّم أمرنا له ..
فهو الأعلم بالماضي ... وبحاضرنا .. وبما ينتظرنا في المستقبل ..
** القصة المذكورة مسبقا ً حقيقة ووقعت فعلا .. وكثيرا ً منها ما يحدث .. لكن الجميل بها والذي أفرحني بها : أنني ربما ندمت لأني لم أقوم بهذه الخطوة مع من كنت أراها من أمثالها وأخطو تلك الخـَطوة .. فسعدت بذلك ..
( هناك خطوات يجب أن تـُخطى فورا ً ، ولا يجب أن تتأجـّل ، لأن ّ الندم حينها ما سيتلوها لا شيء آخر ، فهناك أشياء تحدث في حياتنا لا تعود ولا تتكرر ...)
أسأل الله لنا ولكم الثبات ..